--------------------------------------------------------------------------------
الكذب
أثناء مرحلة ما قبل المدرسة يختلط على الطفل في كثير من الأحيان الفرق بين الحقيقة والخيال، ونحن نسمي هذا كذباً، وربما كان معناه إنكار الطفل القيام ببعض الأخطاء، ولنوضح مثالاً لذلك: فقد يكسر الطفل لعبة أخته بطريق الخطأ فإذا ما واجهته أنكر وقوع الحادثة بأكملها، ومن المحتمل أن تغضبي لكذبه أكثر من غضبك لكسر اللعبة نفسها، ومن المحتمل أيضاً أن تقسي عليه حتى يعترف، ومن الخطأ في مثل هذه الحالات أن تمارسي أي قسوة على الطفل لأن ذلك لن يساعده على الاعتراف بأخطائه. أما إذا أردت أن يعترف الطفل بأخطائه فيجب عندئذ أن تسهلي عليه هذه المهمة، يمكن أن تقولي له مثلاً " هذه اللعبة مكسورة..ترى ماذا حدث لها؟ ". مثل هذه العبارة غالباً ما تساعد الطفل على أن يقول "أنا كسرتها..إني آسف" وذلك بدلاً من أن توجهي له مثل هذه العبارة " أنت كسرت هذه اللعبة، أليس كذلك أيها الشقي المهمل؟ ". وعندما يعترف طفلك بقيامه بفعل ما، فعليك أن تتأكدي من أنك لا تبالغين في غضبك أو عقابك له، فإنك لو كنت غاضبة أثناء ذلك فلن يجرؤ على إخبارك المرة القادمة. وقد يدفع الطفل إلى الكذب شيء آخر غير الخوف، فقد تكون لديه رغبة شديدة في حدوث شيء فيتصور أنه قد حدث بالفعل، مثلاً: الطفل الذي يعاني من غيرة شديدة من أخته الصغرى قد تدفعه نزعاته العدوانية الطبيعية في مثل هذه الحالة إلى تصور أن ضرراً بليغاً حصل لها لمجرد أنها وقعت وهي تجري مثلاً، عندئذ قد يجري إليك طفلك وهو يحمل معه قصة خيالية أن أخته قد جرحت جرحاً بليغاً وسال دمها.. وأغمى عليها...إلخ. عندما تكتشفين مثل هذه المبالغات لا تعاقبي طفلك أو تصفيه بالكذب، بل يكفي أن تقولي له : "أنت تخاف عليها إلى هذا الحد..؟ الحمد لله..إنها لم تصب بالشكل الذي وصفته..كانت مجرد سقطة بسيطة..والآن تعال ساعدني على تنظيف مكان الإصابة وتطهيره "إن أهم شيء في مثل هذه الحالات هو أن نساعد الطفل على أن يكون واقعياً وأن نعالج الدافع الأساسي للمبالغة وهو الغيرة. نقلاً عن كتاب العناية بالطفل
العدوان
معظم الأطفال ينتابهم أحياناً رغبة قوية في العدوان: وهناك أشكال عديدة للتعبير عن هذه الرغبات العدوانية عند أطفال هذه المرحلة، فأطفال الثانية والثالثة مثلاً تكثر لديهم نوبات الغضب، حيث يدفعون الآخرين ويرفسونهم ويضربونهم بأيديهم في أثناء هذه النوبات، أما الأطفال الأكبر سناً، أي في سن الرابعة والخامسة فإنهم يستخدمون العدوان البدني واللفظي معاً دون وجود نوبات حادة من الغضب، كما كان الحال في الفترة السابقة، كذلك فإنهم يميلون إلى الحصول على لعب الآخرين وممتلكاتهم الأخرى، وغالباً ما يكون هذا العدوان على من هم أصغر سناً. ويساعد على نمو السلوك العدواني عند الطفل طريقة الوالدين في تنشئته، فالأطفال الذين لا يتلقون إلا القليل من الحب والاهتمام، والذين دائماً ما ينتقدون ويعنفون، هؤلاء الأطفال يكونون أميل إلى العدوان في علاقاتهم بغيرهم، بل أكثر من ذلك، فإن هناك من الأدلة ما يبرهن على أن عقاب الوالدين للعدوان لا يؤدي إلى اقتلاعه أو التقليل منه، إذ يبدو أن الوالد الذي يستخدم العقاب البدني إنما يجعل من نفسه قدوة أو نموذجاً عدوانياً يقلده الطفل. ليس هذا فقط بل إن الوالد قد يجعل من نفسه نموذجاً عدوانياً يحتذى أمام الطفل أيضاً إذا كان سلوكه هو شخصياً أميل إلى العدوان، فلا غرابة إذا رأينا أن الطفل الذي يشاهد أباه يحطم كل شيء حوله عندما ينتابه الغضب، يقوم هو أيضاً بتقليد هذا السلوك العدواني. وإذا نجح الطفل في استخدام العنف للحصول على ما يريد بناء على ما يراه من أن هذه هي الطريقة التي يتبعها الآخرون سواء ضده أو ضد بعضهم البعض، فإن هذا الطفل يكون بعد ذلك أميل إلى إيذاء الأطفال الآخرين عن عمد، وقد يصاحب عدوانه ارتفاع الصوت أو التهديد بالحركات لإثارة الخوف. كذلك قد يساعد على زيادة السلوك العدواني في جماعة من الأطفال عندما يكونون مكدسين في مكان ضيق للعب، وقد يحدث ذلك سواء في المنزل أو عند أطفال الروضة حيث يزداد الضرب والصياح والدفع والمعاكسة، ذلك أنهم في مثل هذه المواقف يتعرضون بدرجة أكبر لعدم سهولة الحركة والتداخل فيما بينهم والإعاقة لحركة بعضهم البعض وهكذا. لهذا كله فقبل أن تلومي طفلك على عدوانه، عليك أولاً أن تحاولي الوصول إلى السبب وراء هذا العدوان، فعندما تلاحظين أن طفلك بدأ في اتباع السلوك العدواني فلا تبدئي بعقابه لأن ذلك سوف يزيد من سلوكه العدواني، وبدلاً من عقابه: · أظهري له عدم موافقتك على هذا التصرف. · أكدي له أن في حالة تغييره لهذا السلوك سوف تكافئينه ونفذي ذلك بالفعل. · وضحي له أنه مهما كانت الظروف لا ينبغي أن يؤذي أي شخص آخر متعمداً، وأن عليه الاعتذار عن أي فعل أو حادث يصدر منه ويتسبب في إيذاء أو إيلام أي طفل آخر. على أنه يجب في نفس الوقت أن تتذكري أن هذه النصيحة لن تكون مجدية أو ذات أثر ما لم يتبعها جميع أفراد الأسرة ويطبقونها فعلياً أما الطفل. · وضحي للطفل أن له الحق في استخدام جسمه ليعبر عن مشاعره ولكن ليس من حقه استخدام جسمه في إلحاق الأذى بأي شخص آخر. · خذي بيدي طفلك المعتدي ووجهي له بعض العبارات مثل: أعرف أنك غاضب ولكننا لا نؤذي الناس لأن الإيذاء كالضرب أو العض أو غيره شيء يؤلم، وأنت لا تريد أن يؤلمك أحد، وكذلك يجب ألا تؤلم أحداً. · تذكري أنك أكبر حجماً وأكثر قوة من الطفل، ولذلك فليس من الضروري بالنسبة لك أن تؤذيه لكي تمنعيه من إيذاء أو ضرب الغير، يكفي أن تمنعيه وتبحثي عن طريقة أخرى يستطيع بها أن يمتص غضبه. · وضحي للطفل أنك لا تستنكرين شعوره بالغضب ولكنك تستنكرين بشدة الطريقة المؤلمة التي يتبعها للتعبير عن غضبه. كيف تساعدين طفلك على التعامل مع الآخرين؟ لا تتوقعي أن يقوم الأطفال بالترحيب بطفلك بالترحيب أول مرة، وإذا ما لاحظت وجود أي مشكلات أو صعوبات فحاولي أن تقفي على السبب أو التصرف الذي قام به طفلك مما دعا إلى وجود هذه المشكلات، وإلى عدم تقبل الأطفال له، قومي بتعليمه كيفية التعامل مع الأطفال الآخرين، وسوف يتعلم الطفل كيف يتصرف، تماماً كما يتعلم آداب المائدة، والكلمات الجديدة. وإليك بعض النصائح في هذا الاتجاه: · علمي طفلك المبدأ القائل: عامل الآخرين بما تحب أن يعاملوك به، فمن المهم أن توضحي لطفلك في كل موقف أن المحافظة على مشاعر الآخرين هي بنفس الأهمية التي يحافظ بها على مشاعره، فإذا قام بتفجير بالونة طفل آخر مثلاً فأوضحي له أن كل طفل يحب أن يحتفظ ببالونته سليمة..وهكذا. · لا تتوقعي من الأطفال في هذه السن أن يلعبوا دون ملاحظة أو مراقبة، ذلك أن الانضباط الاجتماعي لديهم ليس موجوداً بالدرجة الكافية، ومسئوليتك هنا هي أن تحافظي على سلامة جميع الأطفال ولكن لا تجلسي كرجل الشرطة، بل حاولي أن تشغلي نفسك بأي نشاط أثناء ملاحظتك لهم. · إذا ما سارت الأمور بين الأطفال في الاتجاه الخطأ، ركزي على أن تعيدي كل شيء في نصابه الصحيح مرة أخرى بدلاً من محاولة البحث عن الخطأ والصواب، ففي مثل هذه المواقف لا يهم من الذي بدأ المشاجرة مثلاً، ولكن الأهم هو أن هذه المشاجرة قد أفسدت جو اللعب والمرح بالنسبة لجميع الأطفال الموجودين. · إن وجود علاقة بين طفلك وأطفال الجيران يعد شيئاً مهماً، ولهذا يجب أن تفكري جيداً قبل أن تصدري حكمك بأن أطفال الجيران ليسوا مناسبين لصداقة طفلك حتى لا تحكمي على طفلك بالوحدة. · حاولي أن يكون لطفلك أصدقاء من نفس السن، حيث إن الأطفال الأكبر عمراً لن يتقبلوه طوال الوقت، بل وقد يستغلونه في أداء بعض متطلباتهم. · وعندما يصير طفلك أكبر سناً ويستطيع أن يكون بعض الصداقات، وضحي له أنك ترحبين بزيارتهم له في المنزل واستقبليهم معه. ولو بدا أن طفلك يفضل زيارة أصدقائه عن دعوتهم إلى منزله فاسألي نفسك عن السبب، فربما شعر طفلك بأنك لا تحبين بالفعل وجود أطفال كثيرين بالمنزل وأنك لا تحبين الضوضاء...أو قد يكون خائفاً من أنك قد تحرجينه أما أصدقائه، أو أن أوامرك له قد تبدو قاسية إلى حد ما بالنسبة لأصدقائه. · بعض الأطفال في سن ما قبل المدرسة يتخلصون من الضغوط التي يتعرضون لها من أسرهم عن طريق إيذاء ومضايقة الأطفال الآخرين. لو لاحظت الذي يبلغ من العمر ثلاث أو أربع سنوات يعض أو يضرب أو يركل الأطفال الأصغر منه سناً، ولهذا لا يحب أحد من الأطفال أن يلعب معه، فعليك أ، تنظري نظرة متأنية عن حياته في المنزل والأسرة. هل طفلك يضرب الأطفال الآخرين لأنه في الحقيقة يريد أن يضرب المولود الجديد في المنزل ولكنه لا يستطيع ولا يجرؤ على ذلك؟ هل طفلك يسرق لعب الآخرين لأنه لا يمتلك لعباً بالقدر الكافي؟ أو لأن اللعب تعني أن الأطفال الآخرين محبوبون أما هو فلا؟ هل يقوم بإفساد ألعاب الأطفال الآخرين لأنك تعاملينه بشدة وبتحكم كبيرين؟ نقلاً عن كتاب العناية بالطفل